بقلم ابراهيم الحجام ابن شهيد حرب الصحراء المغربية ،
رئيس الجمعية الوطنية لأسر شهداء ومفقودي و أسرى الصحراء المغربية
كل متتبع لملف القضية الوطنية الأولى ( قضية الصحراء المغربية) منذ اندلاع النزاع المفتعل ،إلا ويقف على مجموعة من المحطات و الملحمات البطولية التي بصمت هذا المسار حتى أصبحت هذه الأقاليم تزخر بمنجزات تضاهي المدن الكبرى للمملكة،و بفرص استثمارية كبرى في شتى المجالات، إضافة إلى الانتصارات الدبلوماسية المتتالية التي راكمتها المملكة والانتقال من موقف المدافع إلى المهاجم.
خلاصة القول أن كل التضحيات أتت أكلها في أفق الحل النهائي مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية.
كل المغاربة متفقون وبالاجماع على أن الصحراء مغربية، والكل مستعد للدفاع عن مقدسات البلاد،وأن هذا الأمر غير قابل للنقاش والمساومة تماشيا والخطب الملكية السامية المرتبطة بالموضوع.
لكن هناك جانب أخر مرتبط بالصحراء لم يوليه المغاربة العناية الخاصة. ويتعلق الأمر بأولئك الأبطال المنسيين،الذين ضحوا بأرواحهم من أجل استرجاع الصحراء المغربية في إطار واجبهم الوطني منذ بداية النزاع سنة 1975 إلى حدود وقف إطلاق النار سنة 1991.لن نخوض في عدد الشهداء الذين استشهدوا في المعارك من الناحية الرقمية لأنه الإجماع الحقيقي و الفعلي لمغربية الصحراء، فبقدر ما أن هناك شهداء و أسر و أرامل وأبناء، هناك ايضا معاناة و حرمان ووووو.............إذن هناك معادلة لايمكن حلها إلا إذا عولج هذا الملف لما له من ارتباط بالقضية الوطنية، ومدى تأثيرها السلبي على مجموعة من الجوانب المتعلقة به.وسيبقى الحل ناقصا وغير مكتمل كما أن هذا الجانب له قوته المعنوية على المواطن المغربي.
إن كل دول العالم تحتفل بأبطالها ورموزها وخصوصا أولئك المرتبطون بالأرض.فالسؤال المطروح لماذا يبقى المغرب استثناء ولم يلتحق بعد بكوكبة الدول التي تكرم وتحتفل بشهدائها وعوائلهم؟؟؟
إذ هناك العديد من التجارب الدولية في هذا الشأن يمكن الاقتداء بها والاستفادة منها.
هناك شيء ما غير مفهوم، لماذا هذا التأخير؟
كما أعتقد أن كل المغاربة لن يعارضوا هذا الامر بقدرما سيصفقون له ويعتزون به، لما له من دلالات عميقة في مجال الوطنية وحب الوطن. كما سيكون له وقع و انعكاسات ايجابية على كل أفراد القوات المسلحة الملكية.
إن للدولة المغربية كل القدرات والإمكانيات لحل هذا الملف، أ يا كان عدد الضحايا لأن لها تجربة كبيرة في ملفات مثيلة للملف الحقوقي لأسر الشهداء، كما أن الدولة المغربية أنشأت مؤسسة تعنى بهذه الفئة وفئات أخرى، لكنها لم تستطع حل الملف . كما أن الدولة المغربية قادرة على تشغيل أبناء الشهداء وتوفير السكن لاسرهم ،وتمكينها من جميع الحقوق. لأن الحل غير مرتبط باعتمادات مالية، بقدر ما هو مرتبط بارادة فعلية .ولن يعارض أي احد بقدرما سيفرح ويقدر الجميع هذه المبادرة.
و التساؤل الكبير هو أن هناك أوامر ملكية سامية صريحة، تقضي بتشغيل أبناء الشهداء وتمكين الأسر من سكن لائق يوفر لهم العيش الكريم، ونعتز و نقدر عاليا بالالتفاتات المولوية السامية التي يخص بها أسر شهداء حرب الصحراء المغربية . لكن ما يحير هو أن هناك اياد خفية تعطل وتعمل على عدم تنفيذها. كما لن يرضى الشعب المغربي وكل مكوناته أن تنزل هذه الأسر للشارع للمطالبة بحقوقها،رغم ناقوس الخطر التي دقته الجمعية الوطنية لأسر شهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية للمسؤولين منذ تأسيها باعتبارها الإطار الوحيد الذي تبنى هذا الملف، رغم أنه يهم الجميع ورغم صعوبته.لأن لهذا الملف حساسيته وتأثيره وارتباطه بالقضية الوطنية،كما أنه للأسف يتم استغلاله من طرف أعداء الوطن.
الصواب و عين العقل هو أن نعترف بأخطائنا ونعمل على تصحيحها، لا أن نتناساها وأن نسارع الزمن من أجل إقبارها أو التغطية عليها، لأن التاريخ يسجل و لا يرحم.
خلاصة القول لقد أصبح من الضروري واللازم طي هذا الملف وتسويته بشكل نهائي، بتكريم وتعويض وجبر الضرر لجميع الضحايا والكشف عن مقابر شهداء الصحراء المغربية. والانتقال بكل اعتزاز وفخر لمرحلة الاحتفاء والتكريم والتقدير بكل من ضحى من أجل أمن وأمان هذا البلد العزيز، وكفا من نكران تضحيات هؤلاء الأبطال وأسرهم المنسيين.