كلما حلت ذكرى إحدى ملاحم حرب الصحراء إلا و انتابني شعور بالفخر و آخر بالخذلان في الوقت ذاته.
شعور بالفخر لكوني ابن بطل إحدى تلك الملاحم الذي استرخص حياته فداء للوطن من أجل استكمال الوحدة الترابية للبلاد، ففقد / استشهد في 15 من غشت لسنة 1980 بمعركة فم الحصن؛ و شعور آخر بالخذلان لكون مسؤولو بلادي تنكروا لتضحيات والدي و غضوا النظر على حقوقنا و حرمونا من مستحقاتنا.
لست الوحيد، فكل أفراد أسر شهداء و مفقودي الصحراء المغربية يتقاسمون نفس الشعور بفخره و خذلانه.
السؤال العجب الذي يفرض نفسه هو: من تنكر لحقوق شهداء و مفقودي حرب الصحراء المغربية و حقوق أسرهم على مدى خمسة عقود و لا يزال التنكر مستمرا؟ و لماذا؟ بالرغم من أوامر ملكية في العديد من المناسبات تدعو للطي النهائي للملف الحقوقي لهؤلاء الشرفاء!
البرلمان ذو السلطة التشريعية، و الحكومة و المؤسسات المعنية ذات السلطة التنفيذية، و النقابات و جمعيات المجتمع المدني و الصحافة ذات السلطة الرقابية، أعتقد أنه لو قامت كل هاته المكونات بالأدوار المنوط بها و تبنت ملفات حقوقنا المشروعة و ضغطت في اتجاه الصواب لما تطاول أي كان على هضم حقوقنا.. لكنها صمتت لأسباب غير مفهومة، بالرغم من علمها بما يقع على مدى عقود عملا بمقولة " الشاهد اللي شاف كل حاجة و مقلشي حاجة"!
أو ليس الصمت عن الحق تواطئا؟
لو كنا في دولة تسودها الديموقراطية الحقة، و تحترم مواطنيها حق احترام، و تقدر خدامها الأوفياء حق تقدير، لسقط البرلمان و حلت الحكومة و جميع المؤسسات ذات صلة بالموضوع في أول مناسبة تفجر فيها الفضيحة.
ف"التنكر لحقوق خدام الدولة الأوفياء و السكوت عنها" يعتبر فضيحة و التي تدخل في خانة الخيانة العظمى، و هذا أمر في غاية الخطورة لأنه يولد شعور لدى المواطن بانعدام الثقة في مؤسسات الدولة، و يساهم في الحط من معنويات الجنود الساهرين على أمن الحدود، و يضرب في العمق ثقافة المواطنة و تربية الأجيال على حب الوطن و التي من المفروض أن نعمل - كل من موقعه - على نشرها و تكريسها بشتى الوسائل المتاحة و المشروعة خدمة لشعارنا الخالد: الله - الوطن - الملك.
بالأمس، 14 غشت، حلت ذكرى ملحمة استرجاع وادي الذهب، و غمرني الإحساس بالفخر و الإعتزاز بالانتماء لهذا الوطن..
و اليوم، 15 غشت، تحل الذكرى 45 لفقدان/لاستشهاد والدي، فوجدتني بغصة بحلقي من جراء خذلان مسؤولو نفس الوطن..
رحم الله والدي و كذا سائر شهداء و مفقودي الوحدة الترابية للوطن.
لحسن لمزاوك: ابن مفقود/ شهيد حرب الصحراء المغربية
