الثكنات العسكرية في المدن خطر جسيم على الأمن القومي المغربي |
لقد طفى من جديد ملف ترحيل الثكنات العسكرية المغربية إلى خارج المدن والقطع مع الهندسة العسكرية العمرانية التي تركها لنا الجنرال اليوطي والمعماري فوبون،
والذين ركزوا على فكرة القلعة العسكرية في داخل المدينة للسيطرة عليها كما هو الحال مع ثكنات الدار البيضاء عبر تطويق المنطقة الساحلية المجاورة للميناء بالقاعدة البحرية العسكرية وتطويقها بريا عبر بناء ثكنة في الزاوية المؤدية إلى أنفا العليا وأولاد حدو، وهي الثكنة التي كانت معروف بثكنة هود سابقا، بساحة نيفادا بشارع الحسن الثاني ،أو حالة مجموعة ثكنات ظهر المهراز بفاس التي وجدت بمرتفع لمراقبة المدينة القديمة من جهة وفاس المدينة الجديدة في الجهة المقابلة مع ملاصقتها المباشرة للجامعة ،كما كانت هناك أهداف أخرى لتموقع الثكنات تمثلت في حماية خطوط الإمداد ومحاصرة البوادي كما هو الحال بالنسبة لثكنات أهرمومو ومكناس والحاجب وغيرها،هذا الوضع الأن أصبح غير مقبول وغير عملي بإعتبار أولا أهمية الوعاء العقاري الذي تشغله هذه الثكنات والذي يصل في كازا وحدها إلى أزيد من 1650 هكتار والذي يكبل التنمية في المدن وكذا هناك مشاكل كبرى في تحريك العتاد من وإلى داخل الثكنات مما يجعل كل قافلة عسكرية واقعة في مجال الرصد التلقائي لكل سكان المدينة ويضرب بالتالي بعامل السرية عرض الحائط،بالإضافة للمشاكل التي تقف في وجه تحريك حاملات الدبابات العملاقة على سلاسة المرور،وحتى التحرك بحرية حول الثكنات أو تصويرها قد يسبب للأشخاص بعض المشاكل خصوصا بعد ظهور تقنيات متطورة للتصوير وإمكانية النشر عبر الأنترنيت،وحتى بنايات تلك الثكنات تقادمت ووجب إنشاء أخرى مسايرة لتطورات العصر لأن بقاء تلك البنايات المتهالكة يعتبر هدية معنوية للعدو في حالة تعرض المغرب للقصف في أية حرب قادمة وسيكون حديث عن تمكن العدو من تدمير عدد كبير من الثكنات العسكرية في وقت وجيز ،خصوصا وأننا نعلم قدرات كثافة النيران الجوية للجزائر التي بمقدورها الأن إسقاط ما يقارب 141 طن من القنابل كل ساعة بدون حساب القدرات الصاروخية ،لأنها تمتلك الأن أزيد من 617 طائرة عسكرية منها أزيد من 242 مدمرة وطبعا منها مقاتلات السوخوي والميغ ، وفي غياب توفر المغرب على مضادات دفاع جوي قادرة على حماية الرباط والدار البيضاء وطنجة بإستثناء مضادات متواضعة مثل سلاح التانكوسكا أو نظام البانتسير Pantsir s1 / SA-الذي راج حديث عن إحتمال كبير أن روسيا قد تزود المغرب به أي وبعبارة أوضح أن تواجد الثكنات العسكرية داخل المدن وفي قلبها خطر جسيم على الثكنات وعلى سكان الثكنات من المدنيين وخطر حتى على المدن ذاتها،قد يجادل البعض ويقول لقد تواجدت هذه الثكنات منذ عقود ولا مشكل فلماذا فتحت الأفواه الآن ،وما يقال لهؤلاء هو أنه في السابق لم تكن لدى الجزائر صناعة عسكرية بإستثناء مجمعات لأسلحة كيميائية متجسدة في قاعدة ب ناموس 2 وهي طبعا معلومة رائجة لكنها غير مؤكدة خصوصا وأن شركة طمسون أغلقت المجمع،لكن الآن الجزائر أنشئت فعليا صناعة عسكرية وتنتج الآن وبشراكة مع ألمانيا عربات الفوكس المدرعة وهي ذات سمعة رهيبة والأغلى عالميا في مجال العربات ،وأنتجت قبل أشهر طائرة عسكرية بدون طيار بقدرات محلية ولها شراكات مع الإمارات والروس ودول غربية لنقل التقنية العسكرية ،هذا هو السبب الرئيسي الذي جعلنا نقول بضرورة إخراج الثكنات من المدن وبناء ثكنات بعيدة ونائية ،محصنة و بها تحصينات قادرة على حماية مخازن السلاح والذخيرة ولها إمكانية الاحتواء على تصنيع حربي وطني فإلى متى سنظل نعتمد على المساعدات وشراء قطع من هنا وهناك .
هذا دون أن نغفل الظواهر التي تنمو حول الثكنات في أحياء تضر كثيرا بباقي مجالات المدينة وبسمعة الجيش ،ظواهر مرتبطة بالخمور والمخدرات والدعارة ،موجودة في محيط أغلب الثكنات الواقعة داخل المدن ويمكن مشاهدتها في حي ظهر المهراز القصديري بفاس أو حي الظلام بالسمارة ذات الصيت الوطني في مجال الدعارة وأحياء بالحاجب وصفرو ومدينة القنيطرة وغيرها كثير ... رغم أن مسؤولية القضاء على هذه الأوكار تقع على الدرك الملكي والأمن الوطني إلا أن هذه الظواهر أصبحت اقوى بكثير من أن يتمكن الدرك الملكي او الأمن الوطني من اجتثاتها وقد لاحظ الكثير من المتتبعين كيف عجزت قوات الدرك الملكي المدججة بالأسلحة والإمكانيات اللوجيستية الكبيرة و رغم المجهودات الجبارة التي بدلتها ومعها أجهزة وزارة الداخلية والممثلين المحليين وعشرات من السكان من اجتثات حي دعارة واحد محيط بإحدى الثكنات العملاقة وذات الصيت الدولى القريبة من مدينة صفرو بحوالى 50 كلم وهذا موضوع أخر متعلق بتحصين الجندي خارج الثكنة سنتطرق له لاحقا لأنه ما دامت الدولة غير قادرة على تحصين الجندي من الظواهر الاجتماعية السلبية فعلى الأقل عليها إبعاده من ذلك المحيط المدمر لحمايته وإخراج الثكنات من المدن هو الحل لهذه المعضلة ،كل هذه الاعتبارات وغيرها تجعل إخراج الثكنات ليس كلها طبعا من المدن الخيار الأكثر رجاحة عسكريا وتنمويا ويكفي أن نعلم أن الثكنات الناجحة في المغرب هي التي تم إحداثها خارج المدن مثل ثكنة ميسور وإبن جرير واهرمومو وغيرها , من المؤكد ان المخططين العسكريين المغاربة واعون بكل هذه المعطيات وقد تحدثت مصادر إعلامية في ابريل من السنة الماضية أن استعدادات جارية على قدم وساق من اجل إخراج ثكنات من الحاجب وغيره نحو اهرمومو لكن انتقالنا إلى عين المكان نحو الحاجب واهرمومو وغيره في عدة مناسبات كشف أن الأمر مجرد إشاعات على الأقل لحد كتابة هذه السطور ,لكن في المقابل هناك تحركات على أكثر من صعيد لاجتثات ثكنات وإحداث أخرى لكنها مازالت خطوات محتشمة لا ترتقي الى مستوى الطموحات العسكرية للمغرب ولا الى حجم التحديات المخيفة والرهيبة التي هي قيد التشكل على مستوى الوحدة الترابية والوطنية.www.almoharib.com
بنان محمد